هل عودة بلينكن للشرق الأوسط من أجل إنقاذ إسرائيل؟

قالت صحيفة “ليمانيتي” الفرنسية، نقلا عن “القدس العربي” بإن الولايات المتحدة تريد تجنب حرب إقليمية في الشرق الأوسط، ولكنها لا تريد إيقاف الحرب في غزة. غير أن اللعبة ليست سهلة بالنسبة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي بعثه الرئيس جون بايدن مرة أخرى للمنطقة. ففي لبنان، كان زعيم حزب الله حسن نصر الله واضحا في تعامله مع إسرائيل.

واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن إرسال الرئيس الأمريكي لممثليْن إثنين إلى الشرق الأوسط لمحاولة تهدئة المنطقة ومنع وقوعها في الفوضى، هو دليل واضح على تعقيد الوضع بالنسبة للولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يصل رئيس الدبلوماسية الأمريكية اليوم الجمعة، إلى المنطقة في جولة تمر عبر إسرائيل، ولكن لم يتم الحديث عن توقف محتمل في رام الله، حيث يوجد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

صحيح أن العمليات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، وبشكل خاص في مخيم نور شمس للاجئين في طولكرم، لا تفتح الأبواب أبداً لبحث التهدئة، أو حتى المفاوضات. ففي زيارته الرابعة إلى المنطقة منذ 7 أكتوبر، سيكون بإمكان بلينكن الاعتماد على المبعوث الخاص الآخر، عاموس هوكشتاين، والذي قدّم العام الماضي المساعدة في المحادثات البحرية بين إسرائيل ولبنان، لا سيما بشأن ترسيم الحدود لاستغلال جيب غاز يمتد قبالة سواحل البلدين، وآخر على بعد 36 كيلومتراً فقط من ساحل غزة، وسيكون من دواعي سرور تل أبيب استغلاله.

محور المقاومة

واعتبرت “ليمانيتي” أن مهمة بلينكن ليست سهلة، بحث إنه يتحرك في مساحة يحدّها الدعم غير المشروط الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل، والخشية من  تنفير حلفائه العرب الأساسيين، في مقدمتهم السعودية، وذلك بينما تواصل إسرائيل صبّ الزيت على النار. ففي الأيام الأخيرة، كثّفت إسرائيل من هجماتها ضد غزة والضفة الغربية المحتلة وسوريا وحزب الله وحماس في لبنان، مما أسفر عن مقتل الرجل الثاني في الحركة الفلسطينية، صالح العاروري.

من جهة أخرى، عطل المتمردون الحوثيون في اليمن، الذين ينتمون إلى “محور المقاومة”، حركة التجارة العالمية، واستهدفوا السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، وذلك دعماً للفلسطينيين. وأصدرت واشنطن ما بدا أنه تحذير أخير للحوثيين، وذلك بعد أن أغرقت القوات متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة، ثلاثة قوارب وقتلت عددا من الحوثيين، مما دفع إيران إلى نشر سفينة حربية في المنطقة.

كما أشارت “ليمانيتي” إلى تعرض إيران، الأربعاء، لانفجارين أسفرا عن مقتل العشرات في ذكرى مقتل الجنرال قاسم سليماني، الذي اغتيل في بغداد خلال غارة أمريكية بطائرة بدون طيار عام 2020. واتهم إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس، الولايات المتحدة وإسرائيل بالمسؤولية عن الهجوم، والذي تبناه تنظيم “الدولة” لاحقاً.

وفنّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميللر هذه المزاعم، ووصف التلميحات بشأن تورط بلاده بأنها “سخيفة”، وأضاف أنه “ليس لديه سبب للاعتقاد بتورط إسرائيل”. والحقيقة أن طهران حاربت التنظيم الجهادي لفترة طويلة. وهو ما لا يتناسب مع الرواية الغربية التي تريد رسم خط مساواة بين حماس وداعش، وتتجاهل عن عمد الأجندة الحقيقية لتنظيمات “محور المقاومة”، الذي أوضح حسن نصرالله ، خلال مداخلته المتلفزة مساء الأربعاء، أنه “متفق على رؤية استراتيجية واضحة يتم فيها تحديد الأعداء والحلفاء وتكون الأهداف واضحة”.

وشدد نصر الله على أنه “داخل هذا الائتلاف، لا يملي أي طرف شيئا على آخر، وكل طرف يتخذ قراراته بما يتوافق مع الرؤية الاستراتيجية ومصلحة بلاده”، مؤكدا: “لا يوجد عبيد (في المحور).. هناك فقط رجال فخورون وأحرار يصنعون الانتصارات لشعبهم”. وأضاف: “اليوم، حزب الله يقاتل على الجبهة بمقاييس معينة تراعي الوضع ومصالح لبنان، ما يجعل حركة المقاومة تدفع الثمن بدماء مقاوميها”. وهي طريقة لتسليط الضوء على الطابع الوطني الحازم لقتال حزب الله. ولهذا أكد نصر الله أنه في حال إعلان حرب واسعة النطاق في لبنان “لن تكون لدى حزب الله حدود ولا قيود ولا قواعد اشتباك ولا حدود. إذا أُعلنت الحرب علينا فإن المصلحة الوطنية ستجبرنا على خوض الحرب حتى النهاية”. وأخيرا، أعاد التنظيم اللبناني، الخميس، قواته إلى الخلف بضعة كيلومترات عن الحدود الإسرائيلية بعدما خسر 147 مقاتلا، كما تقول الصحيفة الفرنسية.

ومضت “ليمانيتي” قائلةً إنه بالنسبة لوزير الخارجية الأمريكي، الذي ما يزال يرفض تفعيل وقف إطلاق النار في غزة، فإن الأمر يتعلق بإجبار إسرائيل على التخفيف من خلال استهداف القطاع بطريقة مختلفة.

في هذا الصدد، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي: “ما تزال حماس تمتلك قدرات كبيرة في غزة”. وأضاف: “نعتقد أن تقليص وهزيمة قدرات حماس على تنفيذ هجمات ضد إسرائيل هو هدف يمكن تحقيقه تماما للقوات الإسرائيلية. يمكن القيام بذلك عسكريا. فهل سيتم القضاء على أيديولوجية الحركة؟ لا. وهل من المحتمل أن تتم إبادة الحركة؟ ربما لا. لكنه نسي أن يحدد أنه بدون الذخيرة والقذائف المصنوعة في الولايات المتحدة، فإن حرب إسرائيل ضد الفلسطينيين ستتوقف من تلقاء نفسها، تقول الصحيفة الفرنسية.

في غضون أسبوع، من المقرر أن تنظر محكمة العدل الدولية في طلب جنوب أفريقيا بإصدار أمر عاجل يعلن أن إسرائيل تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. وقد أعلنت بالفعل أنها لم تلاحظ أي عمل من أعمال الإبادة الجماعية في غزة.

وأدت الحرب الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 22 ألف فلسطيني ودمرت معظم أنحاء قطاع غزة، وأغرقت سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في كارثة إنسانية. ويطالب الوزراء في حكومة نتنياهو رسميا جميع الفلسطينيين بمغادرة القطاع، كما تشير “ليمانيتي”.

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة