فلسطين ليست في حاجة إلى الصلاة


بقلم عبد الهادي مزراري
في كل مرة يشتبك فيها الفلسطينيون مع الإسرائليين ترتفع أصوات العرب والمسلمين بالتنديد والشجب وتنطلق المسيرات في الشوارع، وتنظم قصائد في الشعر، وترفع الأكف إلى السماء لنصرة الفلسطينيين العزل في مواجهة الاسرائليين المدججين بأحدث الأسلحة. مقابل الكلام العربي والاسلامي الذي لا يبرح باحة التنديد، تنطلق مواقف وقرارات من واشنطن ولندن وباريس تؤيد إسرائيل في ما تسميه “حق الدفاع عن النفس”، فيستمر الضرب الإسرائيلي بلا هوادة ليزهق أرواحا فلسطينية جديدة، وينسف بنايات أخرى، ويعتقل المئات من الشباب، قبل أن تعود حالة الصمت إلى ما كانت عليه. أصبح هذا السيناريو مألوفا مع تكبيد الطرف الفلسطيني مزيدا من الخسائر في ظل عجز عربي وإسلامي عن تقديم أي دعم حقيقي يقلب المعادلة أو على الأقل يجعل الفلسطينيين يشعرون بأنهم على قدم المساواة مع الإسرائليين من خلال وجود قوى خارجية حقيقية تساندهم وتدعم مطالبه، للأسف لا تمثل الأصوات العربية والإسلامية الداعمة للفلسطينيين قولا ولا فعلا، سوى البهرجة التي تستفيد منها إسرائيل في تعزيز أطروحتها بأنها كيان صغير ومسالم وديموقراطي مهدد وسط جحافل من الأنظمة العربية والإسلامية الديكتاتورية، وببن شعوب همج ترقص بالسيوف وتزف العرسان بطلقات الرصاص. للأسف اعتادت أنظمة في العالمين العربي والإسلامي على التزود بوقود الشعبوية من دماء الفلسطينيين، فيما لم تقدم في الواقع أي دعم لهم، مكتفية بترديد مقولات من قبيل “حرب وجود لا حرب حدود”، و”إلقاء اليهود في البحر”، و”التطبيع تضبيع”، وغيرها من الشعارات التي في الحقيقة استعملت للاختباء وراء الصورة الخلفية للمسرحية التي تمثلها تلك الأنظمة على شعوبعا وعلى الناس أجمعين، وتمثل حتى على نفسها. يعرف الجميع أن إسرائيل تفعل فعلتها بسبب وجود قوى دولية كبرى تدعهما، وعندما يتعلق الأمر بخيار المواجهة، فالفلسطينيون يبقون وحدهم في الساحة، فالشعارات الفارغة لا تفيدهم في شيء، ومن يفترض أن يكون حليفا لهم (العرب والمسلمين) تجده عاجزا حتى عن الإشارة بأصبعه إلى الدول الداعمة لإسرائيل ودعوتها إلى لجمها عن أفعالها. أضعف الإيمان أن تعلن إيران عن وقف مفاوضات الاتفاق النووي حتى توقف إسرائيل هجماتها على غزة. أضعف الإيمان أن تجري الدول التي اختارت خيار التطبيع مع إسرائيل اتصالات مع الإسرائليين الرافضين للتصعيد ودعوتهم للضغط على الجناح المتشدد في الحكومة الاسرائلية. أضعف الإيمان أن تبادر البلدان العربية والاسلامية بوقف استهلاك بضائع الدول الغربية التي تملك القدرة على التأثير في إسرائيل إلى حين حماية أي نفس فلسطينية من الاعتداء. أضعف الإيمان أن توقف الدول العربية والاسلامية اعتداءاتها على بعضها البعض، وتتخلى عن سياسة الكيد التي تمارسها في ما بينها، فهي تضعف الموقف العربي والإسلامي وتزيده تشرذما. أضعف الإيمان أن تكف أنظمة في العالمين العربي والإسلامي عن التدخل في شؤون بعضها البعض، وتوقف إيواء الحركات الارهابية والانفصالية، فهي تقدم خدمة جليلة لمن يعمل على إضعاف الأمة وإنهاكها. أضعف الإيمان أن يتوقف العرب والمسلمون عن معاداة أنفسهم بأنفسهم. عودة إلى القضية الفلسطينية، فهي تشهد في عصرنا الحاضر أحد أهم أطوار القصة كما جاءت في الذكر الحكيم، فلا بد أن يؤتى ببني إسرائبل لفيفا إلى المنطقة، ولا بد أن يكونوا أكثر نفيرا، مع لزوم ارتكابهم لفساد كبير في الأرض، وهي وقائع ليس بمقدور أحد كان أن يمنع وقوعها، وللسبب نفسه يوجد أحبار عند اليهود يرفضون أصلا فكرة تأسيس دولة إسرايل ويعتبرونها علامة بارزة لعقاب كبير مرتقب. وفي ذلك ليتذبر أولوا الألباب.
طابت أوقاتكم

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة