أخطبوط الداخلة… من ازمة التسويق الى صراع الوحدات الصناعية


يعيش قطاع صيد الاخطبوط التقليدي احد احلك ايامه ، بعد ان عجز مهنيو الوحدات الصناعية خلال ذروة تفشي وباء كورونا من تصدير ولو جزء يسير من كميات صنف الاخطبوط المجمد خلال فترة الصيد المنصرمة بل ان بعض الوحدات راكمت منتوجها من الاخطبوط لثلاثة مواسم ويزيد املا في تحسن الاسعار حينها  مما انعكس سلبا على البحارة الذين يعانون من تبعات الجائحة وقلة الامكانيات وصعوبة العيش في قرى تنعدم فيها ابسط وسائل العيش الكريم،  بالإضافة الى الوسطاء الذين وجدوا انفسهم في خانة واحدة مع الوحدات الصناعية التي استقبلت المنتوج ولم تجد سوقا لتصدير ما تم اصطياده ، علما ان جل هؤلاء الوسطاء يدفعون منتوجاتهم دون مقابل في انتظار التصدير .
ومما زاد الطين بلة خلال هذا الاسبوع المنصرم، دعوة أكثر من عشرة شركات اسبانية تعمل مباشرة كموردين لهذا الصنف لنظرائهم المغاربة سواء وحدات التجميد او الوزارة الوصية بعدم المجازفة والاقدام على شراء الاخطبوط في هذه الفترة، نظرا لما تعانيه السوق الاستهلاكية الاوربية من ركود وتراجع لمثل هذا النوع من السمك باعتباره من الكماليات وليس من الضروريات للمستهلكين الاوربيين.
غير انه من جانب اخر لا يخلو قطاع الصيد من الانتهازية واستغلال الظروف الوبائية لأغراض الربح السريع وهذا ما يجعل الصورة ضبابية للمهنيين والوزارة الوصية على حد السواء، بعد ان علم ان احدى الشركات الاسبانية الاكثر حضورا في قطاع صيد الاخطبوط  تتفاوض سرا مع شركة او اثنتين بالداخلة قصد استقبال كافة المنتوج من هذا الصنف خلال موسم الصيد المقبل والذي لم تتخذ الوزارة بشأنه اي قرار نظرا للمخزونات الهائلة لدى قطاع الصيد باعالي البحار الذي يئن تحت وطأة القروض وتكاليف التخزين .
صراع وحدات التجميد سيمتد الى اروقة المحاكم .
محليا بات الوضع اقتصاديا في الحضيض ، فوحدات التجميد المتخصصة في الاخطبوط باتت تترصد بعضها البعض مع استفحال ظاهرة تهريب هذا الصنف، مع غياب تام للمسؤولين بجهة الداخلة، واصبح السؤال الملح من يستفيد من تخزين الاخطبوط خلال فترة الراحة البيولوجية بين هذه الوحدات الصناعية وهل هناك بالفعل سوق خارجي مستعد لاستقبال الاخطبوط في ظل الازمة العالمية الراهنة ، ثم كيف سيتم تصدير مثل هذه البضاعة مع انعدام وثائق تثبت مصدرها، امام هذا الوضع المرتبك وجدت احدى هذه الوحدات نفسها في مواجهة الاغلبية من زملائها بعد ان اتهمهم بتحويل جزء كبير من مخزونها عبر بوابة ” سمكنا ” الالكترونية التي تشرف عليها وزارة الصيد البحري الى وحدات تجميد اخرى سواء بشكل عمدي او بتواطؤ وزارة الصيد او بتحايل من داخل مؤسسته لفائدة وحدات اخرى وصفها صاحب هذه المؤسسة ” بالمؤسسات المعادية ” في احدى وسائل الاعلام المقربة من وزارة الصيد .
امام حالة التراشق الحالية بين وحدات التجميد التي وصلت مرحلة اقل ما يقال عنها انها كسر العظم بين بقايا وحدات التجميد، وينضاف الى ذلك دخول مجموعة البنك الشعبي على الخط لاسترداد ديونها التي بلغت الملايير وبداية تنفيذها للتحفظ على احدى اكبر شركة بالداخلة سبق لوالي الداخلة ان دشنها واعتبرها اكبر الشركات المواطنة في افريقيا على حد قوله.
صراع الوحدات الصناعية بالداخلة لم يكن وليد اليوم فأدراج المحكمة التجارية بأكادير تعج بكثير من القضايا على هذه الشاكلة، كلها تتعلق بتخزين وبيع المنتوج في ظاهرها، اما في باطنها فيرى بعض المهنيين الصناعيين ان لبعض هذه القضايا ابعاد اخرى يشتم فيها رائحة الضغط لتخفيض الاسعار مقابل رفع الضغط عن هذه الشركة لدى الشركاء الاسبان بعدما تبين ان جل المخزون لديها تقادم بما يكفي ليتم رفضه من قبل الجمارك والمصالح الصح الاسبانية والاوروبية اجمالا وهو ما انعكس على هذه الشركة” المواطنة ” كما وصفها والي وادي الذهب ووضعها في عنق الزجاجة بسبب عدم القدرة على التصدير وارتفاع قيمة المديونية للمجموعات البنكية والتي فاقت عدة ملايير من الدراهم رغم الدعم اللافت لهذه الشركة من طرف سلطات الاقليم ومصالح وزارة الصيد كما يقول بعض المهنيون بالداخلة.
الازمة الاخيرة وبغض النظر عن تفاصيلها الثانوية مثل دور مسير هذه الشركة في تسريب منتوجها لفائدة خصومه او تواطؤ سلطات الصيد البحري لن تفيد في استرجاع القطاع لمرونته بل تعطي مؤشرات هامة حول دور وزارة الصيد البحري السلبي وعدم قدرتها على احتضان المشاكل القطاعية التي بات اقليم وادي الذهب اول ضحية لها من خلال تردي الوضعية الاقتصادية وغلاء اسعار منتوج الصيد البحري للمستهلك المحلي وتراكم ديون البحارة والوسطاء وهشاشة البنية التحتية لقرى الصيد ،فهل ستتفهم الوزارة الوصية هذه الازمة ام تترك الحبل على القارب وتكتفي بالتفرج على الوضع .
 

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة