المدح النبوي في الموروث الشعبي الحساني

المدح النبوي هو فن وجزء من الموروث الشعبي الحساني الذي يعرفه الجنوب المغربي، كمدينة كلميم وطانطان والسمارة بالإضافة إلى طرفاية والعيون وبوجدور والداخلة؛ ويعتبر جزءا من تراث ثقافي لمجتمع يسمى مجتمع البيظان.

وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلا عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها.

ويعد المدح النبوي جزء من التراث الشعبي الحساني، ومن بين أصنافه الأخرى التي تصنف ضمن التراث غير المادي التي تدخل في عالم التراث الشعبي مثل: الموسيقى التقليدية، الطب التقليدي، الفولكلور الشعبي، الصناعة التقليدية، الألعاب الشعبية. كما يمكن أن يصنف أيضا بأنه فن من فنون الشعر التي أذاعها التصوف، فهو لون من التعبير عن العواطف الدينية، وباب من الأدب الرفيع، لأنه لا يصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص.

يعرف المديح النبوي عموما بأنه هو ذلك الشعر أو الكلام المغنى الذي ينصب على مدح النبي (صلى الله عليه وسلم)، بتعداد صفاته الخُلقية والخَلقية، وإظهار الشوق لرؤيته، وزيارة قبره والأماكن المقدسة، التي ترتبط بحياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، مع ذكر معجزاته المادية والمعنوية، ونظم سيرته شعرا، والإشادة بغزواته وصفاته المثلى، والصلاة عليه تقديرا وتعظيما.

والمدح عموما في الموروث الشعبي الحساني نوعان:

نوعا يسمى بالمدح التكسبي أو مدح التملق الموجه إلى السلاطين والأمراء والوزراء، بينما المديح النبوي فهو خاص بأفضل الخلق محمد (صلى الله عليه وسلم)، ويتسم بالصدق والمحبة والوفاء والإخلاص والتضحية، والانغماس فيما هو روحاني.

وقد ظهر المدح النبوي في المشرق العربي مبكرا مع انطلاق الدعوة الإسلامية وانتشار الفتوحات الإسلامية، إلى أن ارتبط المدح النبوي بالشعر الصوفي كان مع ابن الفارض والشريف الرضى حسب بعض الباحثين، لكن المدح النبوي لم ينتعش ويزدهر ويترك بصماته إلا مع الشعراء المتأخرين وخاصة مع الشاعر البوصيري في القرن السابع الهجري.

ومن خصائص المدح النبوي الشعبي في مجتمع البيظان هو أن هذا المجتمع قد عرف المدح النبوي عن طريق الطرق الصوفية المنتشرة في المغرب حيث أنتقل إلى الشقيقة موريتانيا التي أبدع فنانوها في هذا المجال و أقاموا لهذا الموروث الشعبي _وخصوصا مدح الرسول_ عدة مهرجانات و مسابقات،كما انتقل جنس المدح النبوي عن طريق شعراء الأندلس، وقد تناول الشعراء الشناقطة السيرة النبوية بقصائد فصحى ولهجية، اللهجة الحسانية.

أخبار النهاردة  http://akhbar-elnharda.com/2017/12/17/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D9%86/

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة