صحيفة لوفيغارو : مؤرخ يحذر من مخاطر إستقطاب سياسي يمزق أمريكا

في مقال بصحيفة لوفيغارو الفرنسية، حذر الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، ران هاليفي، من مخاطر الإستقطاب السياسي الذي يمزق الولايات المتحدة، مؤكدا أن محاكمة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي أدين بتهم جنائية يوم 30 مايو، قد هزّت آخر قلاع سيادة القانون والسلطة القضائية في “بلاد العم سام”.
وقال مؤلف كتاب “فوضى الديمقراطية الأمريكية.
ما تكشفه أعمال الشغب في الكابيتول” 2022، أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة سوف تضع رجلا ثمانينيا هشا في مواجهة مدان مهدد بالسجن، ويدعمهما حزبان في حالة حرب، وليس بينهما أي شيء مشترك سوى الكراهية المتبادلة.
وحسب المؤرخ، يبدو أن الإستقطاب الأيديولوجي جعل الأمريكيين ينسون إرث الآباء المؤسسين، حتى إن مسألة بالغة الأهمية مثل عزل الرئيس، لا يتم تحديدها من خلال خطورة الأفعال المنسوبة إليه، بل من خلال حساب الإنتماءات الحزبية في مجلسي النواب والشيوخ.

ووصف ذلك بأن اللامبالاة بروح المؤسسات، أظهرت أن الكونغرس غير قادر على إقرار القوانين التي تخدم المصلحة العامة بشكل واضح، لأن الديمقراطيين والجمهوريين لا يمكن أن يتبنوا نصا تشريعيا معا.
واعتبر أن المحاكمة كانت مثيرة للجدل لأسباب قانونية. وأكد بأن الاستقطاب اليوم يجعل تعيين القضاة والمدعين العامين يتم على نحو مثير للريبة، لأن تفضيلاتهم السياسية تؤثر في انتخابهم، حتى ولو كانت العدالة الأمريكية ترغب في اتباع روح الآباء المؤسسين.
وأشار الكاتب إلى أن ترامب علّق على إدانته بأسلوبه المعتاد المتمثل في استهداف التشهير ونظريات المؤامرة، وقال متبعا نفس الخطاب التحريضي الذي سبق أعمال الشغب في الكابيتول: ماتت العدالة، أنا أقاتل من أجل بلدي، أنا سجين سياسي.

ولفت إلى أن ترامب لم ينسى ضم ناخبيه إلى مصيبته قائلا: إذا إستطاعوا أن يفعلوا ذلك بي، فيمكنهم أن يفعلوا ذلك بأي شخص، ودعا للمواجهة: لا تستسلموا أبدا، سنقاتل حتى النصر، قبل أن يحذر من أنه إذا تم إرساله إلى السجن، فقد تكون هذه نقطة اللاعودة.

وحذر الكاتب من أن أنصار ترامب هذه المرة جاهزون فلم يكونوا بحاجة إلى التشجيع لإصدار تهديدات بالقتل على شبكات التواصل الاجتماعي ضد قضاته يجب إعدامهم جميعا، كما جلبت الدعوة للتبرعات أكثر من 140 مليون دولار في غضون أيام قليلة، في حين وقف الحزب الجمهوري تحت الأوامر، وقفة رجل واحد مع مرشحه “الشهيد”.
أما الجديد، وفق الكاتب، فهو أن الرئيس السابق لم يُدن من قبل المسؤولين المنتخبين، بل من قبل هيئة محلفين مكونة من 12 مواطنا دون دوافع أيديولوجية.
وذكر أن شهادة ستورمي دانيالز لم تترك سوى القليل من الشك، حتى بالنسبة للعديد من الناخبين الجمهوريين، مما أعطى صورة قبيحة عن ترامب وأضر بسمعته كرجل أعمال لامع، حتى قال بصراحة: إنه أمر فظيع، أن أسمعهم يتحدثون عن التزوير، إنه أمر سيئ للغاية بالنسبة لي.
غير أن أسوأ ما رافق هذه المحاكمة، كما يؤكد الكاتب، هو أن الاستقطاب السياسي مزّق البلاد ودمر سيادة القانون والسلطة القضائية، لأن هذه هي المرة الأولى في التاريخ الأمريكي التي يخفي فيها مرشح رئاسي مسألة قانونية في صورة نزاع حزبي.
ولفت المؤرخ إلى أنها المرة الأولى التي يهاجم فيها حزب أبراهام لنكولن المؤسسة القضائية باعتبارها جزءا من الدولة العميقة، بل إن بعض (الترامبيين) دعوا إلى بدء إجراءات إنتقامية ضد المنتخبين الديمقراطيين.

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة