الگرگرات.. الوضع الذي أصبح ينذر بإنفجاز وشيك

قال مصطفى ولدي سيدي سلمى في لقاء مع الصحراوي أنفو والأحداث المغربية، بمنفاه بالعاصمة الموريتانية نواگشوط: أنه إذا إستمر الوضع على ما هو عليه لا محالة ستكون هناك حرب بين المغرب و الجزائر بسبب عزلة البوليساريو. فليس هناك خيار ولا بديل في الأفق، عمليا، بعد أن أمن المغرب منطقة الگرگرات، إداريا، وسياسيا ثم إقتصاديا، وأصبحت له حدود متصلة مع الشقيقة موريتانيا لأول مرة منذ عهد الإستعمار. و بإتصال حدود المغرب مع عمقه الإفريقي أصبح في وضع جد مريح. عكس
الطرف الآخر أي جبهة البوليساريو التي فقدت في منطقة الكركرات ورقة ضغط كبيرة كانت تحاصر بها المغرب.
ويضيف ولد سيدي سلمى قائلا : أصبحت بعدها هي المحاصرة في حيز جغرافي صحراوي ضيق مكشوف لأجهزة الرصد المغربية تسميه مناطق محررة، و هي أصلا مناطق عازلة، في تصنيف الأمم المتحدة.
لذلك البوليساريو لم يكن لدى البوليساريو، بعد تأمين المغرب للگرگرات غير إعلان الحرب،و إن كانت خيارا ميؤوسا منه إلا أنه خيار ضرورة، حتى لا تندثر الجبهة في خلاء ما تسميه مناطق محررة لا ماء فيها و لا مرعى،
و لذلك يروجون للحرب بشكل مفرط، و إن كان ما يقولونه يشتمل على بعض الحقيقة، الا أنه غير مؤثر على أرض الواقع، و إلا لكان العالم قد شهد بتلك الحرب و قد مضى من عمرها قرابة السنة حسب تعبيره.
و إستطرد قائلا : المغرب له سيطرة مطلقة على تلك المناطق عن بعد بالردادات و الطائرات المسيرة و مجموعة من وسائل المراقبة المتطورة، ما جعل جبهة البوليساريو عاجزة عن القيام بأي عمل عدائي مؤثر إتجاه القوات المسلحة الملكية، ولأن حرب البوليساريو المعلنة هي خيار ضرورة فهم في حاجة لتطوير منظمومتهم الدفاعية و الهجومية على حد سواء، إذ تعود ترسنة البوليساريو العسكرية في معظمها الى زمن السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي، و هي غير متلائمة و الحرب الحديثة التي باتت تعتمد على التقنية بشكل كبير. ويرى ولد سيدي سلمى أن المغرب على عكس من ذاك حيث تطور تقنيا، و من تجليات هذا التطور، أن أصبحت لديه أقمار صناعية، و منظومة رصد و هجوم جد متطورة، من طائرات مسيرة، و أخرى للإستطلاع، و الهجوم، و هي أمور لم تكن عند المغرب في الحرب الأولى التي كانت شبه متكافئة بين الطرفين من حيث نوعية التسليح.
و رغم إستعداده لكل الإحتمالات يقول مصطفى ولد سيدي سلمى،كما ظهر من إدارته للتوتر الحاصل منذ أزمة الگرگرات سياسيا و أمنيا، إلا أن المغرب ليس هو المبادر بإعلان التنصل من وقف إطلاق و لا هو صاحب المصلحة في التصعيد، بل قيادة البوليساريو هي التي أعلنت الحرب على المغرب، بعد أن رأت أن الهدنة لم تعد في صالحها، و ستحاول معاندة التطبيع مع الواقع الجديد الذي فرضه المغرب على الأرض.
كما يؤكد ولد سلمي، فإن المغرب منذ فترة و هو في تطور و نماء إقتصادي مستمر، و لم يكن ينقصه غير إتصال شرعي وواقعي يربطه بالعمق الإفريقي عبر موريتانيا.
كما أشار بأن المغرب كان دائما يقول نظريا بأنه ممتد إلى إفريقيا، لكنه واقعيا كان مبتورا، بسب المنطقة العازلة ( الگرگرات )المحصنة باتفاق وقف اطلاق النار الدولي. إذ كانت دول العالم تتخوف من تعاملاتها مع المغرب من خرق القانون الدولي، بسبب كيلومترات الگرگرات الأربعة.
أما بعد 13 نوفمبر فلم يعد موجودا، هذا العائق، و إن كان ترسيم الوضع الجديد يحتاج بعض الوقت للتطبيع معه دوليا.
لذلك حسب ولد سيدي مولود، فإن إجتماع مجلس الأمن القادم جد هم لأن من بين الإشكاليات التي ستطرح عليه،
هل إتفاقيات وقف إطلاق النار بالصفة القديمة ما زالت ذات جدوى؟ .
و ماذا تنتظر البوليساريو في ظل الوضع الحالي؟.
و ماهي التوليفة الجديدة التي ستخفف من حدة التوتر في المنطقة و تجعل الاطراف يقبلون العودة لمائدة التفاوض؟
و بخصوص الجزائر فهي كدولة محورية في المنطقة و لها علاقة مباشرة بالنزاع من حقها ان تترافع عن ما تراه مصلحة لها، و منه مثلا التلويح بعدم حضور المفاوضات.
و حتى لا نتهم بالحكم على النوايا و نقول ان الجزائر لها أطماع في الصحراء، فهناك ما لا يمكن الجدال فيه و هو ان الجزائر محتضنة لجبهة البوليساريو،و قامت بتمويلها على مدار نصف قرن، و كل قواعدها العسكرية و المدنية موجودة على أراضيها، وفهي لن تقبل ان يستمر هذا الحال الى ما لا نهاية.
فقد كانت تراهن على ان البوليساريو ستحصل على الصحراء، و في الوضع الحالي بات هذا الخيار مستحيلا فلم يبق للبوليساريو غير “الفيافي” و لا تريد الجزائر أن تتحمل عبء هذه الحمولة في مننطقة جغرافية معزولة، و لا تريد ان تتحمل كلفة تأمين المأكل و المشرب لهؤلاء الصحراويين، اذا إفترضنا أن هذه المناطق الواقعة شرق الحزام ستكون في ملكية البوليساريو، وهذا أمر لم يسلم به. السؤال الذي تطرحه الجزائر اليوم على المجتمع الدولي هو: البوليساريو موجودة على الأراضي الجزائرية، ماذا ستفعل الجزائر لفائدة هذا الكيان(تأكله، تشربه، تصرفه عنها) بعد خمسين سنة، حسب تعبير مصطفى ولد سيدي سلمى.
لذا الخطاب الجزائري الآن يرى بأن هذه القضية من الواجب حلها، وأن يكون حلها حلا مرضيا، وليس حلا قسريا. و هو ما تعني به الجزائر رفض حل مشكل الصحراء حلا أحاديا،
و كانت الجزائر بعد الگرگرات، تحاول الخروج من ورطتها و تبحث عن ما يحفظ لها ماء وجهها في الحل الذي سيكون.
و الآن حيث الساعة هو موضوع الگرگرات الذي جعلت منه الجزائر حصان طروادة، لكنه بالنسبة للمغرب فقد حسم موضوع نزاع الصحراء مسبقا، ولم يعد لجبهة البوليساريو، أية ورقة توظيفها في هذا الجانب، بعكس المغرب لا تزال له نقلة واحدة كلعبة “الشطرنج “، هذه النقلة هي ما قام به في الگرگرات، عليه أن يقوم به على مستوى الشمال، على الحدود بين الجزائر و المغرب ثم موريتانيا، التي لا تتعدى 15 كلم، وبالضبط بمنطقة قطاع المحبس (الرنكون)، لأن ما قام به المغرب في شهر فبراير من السنة الجارية تم في منطقة “أتويزگي”، لهذا فإن النقلة المتبقية للمغرب هو الإغلاق التام للمكان المسمى (الرنكون)،
لمحاضرة جبهة البوليساريو، وبهذا تكون الصحراء المتنازع عليها لم يعد لها حدود مع الجزائر عن طريق المغرب و موريتانيا، في حالة إغلاق هذه النافذة.
ماذا سيحدث؟ يتساءل ولد سيدي سلمى، هنا ستجد الجزائر نفسها مجددا في أكبر و هنا يمكن أن تكون ردة فعل من طرف الجزائر بإسم جبهة البوليساريو بقيام حرب بالوكالة.

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة