الأسئلة التي تؤرقنا على ضوء إفرازات زمن كورونا بإقليم طانطان السؤال الأول : هل فعل الفقر فعلته فينا؟


بقلم :  محمد وعلي
 
أتلقى يوميا مجموعة من الرسائل على الخاص بصفحتي على الفيسبوك، يلتمس مني أصحابها التدخل من أجل تسجيلهم في لوائح المساعدات، والسبب لديهم هو انتمائي لمهنة المتاعب، وعندما  أجيب بأن الأمر لا يخصني و يجب التوجه مباشرة إلى الجهات المعنية و المتمثلة في السلطات المحلية، يقال لي بأن زميلكم فلان يسجل و يوزع المساعدات و هاته حقيقة لا أنكرها.
المثير للجدل، ليس تطاول مدون أو مراسل وحتى مجرد صاحب صفحة بالفضاء الأزرق على اختصاصات السلطات المعنية بالمساعدات، بل هو التهافت اللافت للنظر من طرف نسبة كبيرة من ساكنة طانطان على الاستفادة وكأننا في القرى الهندية المقرونة أسماؤها بالعوز في مدينة تقول إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط أن معدل الفقر بها هو 3.2 بالمائة. وهي من أضعف النسب بالمغرب ومنخفضة جدا عن نفس النسبة بإقليم فكيك، حيث تفوق 30.00بالمائة.
وحسب ما طالعتنا به بعض الجرائد الإلكترونية التي لا زالت تحافظ على مصداقيتها، فإن عدة جهات خصصت مساعدات مهمة، فبعد المجلس الإقليمي الذي رصد 1.5 مليون دهـ كدعم مباشر للفئات المعوزة، خصصت الجهة ثمانية ألف قفة لفقراء طانطان، زيادة عن الهبات المقدمة من الخواص وهي مهمة، كما بلغ إلى علمنا بأنه تقرر توزيع كل ما تم حجزه من دقيق لدى المضاربين والمهربين على العائلات المعوزة.
أما المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإن كنا لا نتوفر على المعطيات الدقيقة بخصوص تدخلاتها خلال الأزمة، فإنه لا بد من الرجوع إلى قليلا إلى الوراء، بل لا بد من التذكير بأن المبادرة الملكية لما أعلن عنها عاهل البلاد نصره الله، كان الهدف منها هو العمل على تصحيح معايير التنمية البشرية التي أدت إلى قبوع بلادنا في الصفوف الأخيرة مع الدول التي توجد في ذيل الترتيب العالمي لمؤشرات التنمية البشرية حيث كنا نحتل بجدارة واستحقاق المرتبة 132. والتي لا زلنا لم نبتعد عليها سوى بخطوات لا تشرف دولتنا الممتدة في التاريخ.
و لو صدقنا ما تدبجه المنسقية الإقليمية للتنمية البشرية بطانطان ستكون مدينتنا بدون فقراء، و صحيح الكلام بالعامية: “الملايير صرفت و الحالة هي… هي..”
أما عدد الأسر بمدينتنا، والعهدة على المندوبية السامية للتخطيط دائما، فهو16411 أسرة.  وبحسابات لا يخطئها تلامذة الابتدائي فإن عدد الأسر الفقيرة وفق تصنيفات المندوبية لا يزيد عن 500 أسرة.
نعم سيقال بأن الأرقام غير مدققة، و أن المعايير غير موضوعية و أن المعطيات الصادرة عن القسم الاجتماعي بالإقليم مغلوطة الخ…..
و لكن لو اعتبرنا مجازا بأن معدل الفقر يصل إلى 30 بالمائة، و هذا رقم كارثي بإقليم يتوفر على أحد أهم موانئ الصيد البحري و ينتج ملايين الأطنان من الأسماك السطحية و ألاف الأطنان من منتجات أعالي البحار و مئات الأطنان من أسماك الصيد التقليدي ذات الجودة  و القيمة المضافة العاليتين، سنصل إلى أن عدد الأسر المحتاجة فعلا للمساعدة 4924. و بالتالي فإن قفف الجهة وحدها تفي بالغرض و زيادة.
بتاء على ما سبق يتبين بأن الحكامة التي يتبجح بها رئيس حكومتنا المحترم، و يرددها ليلا و نهارا منتخبونا و المسؤولون الترابيون و الجمعويون و حتى من يحملون الصفة الاعلامية و يجمعون الهبات و التبرعات هي العنصر المفقود في العملية، لأن إسناد الأمر إلى أعوان السلطة دون تمييز بين الصالح و الطالح منهم و بين من له نصيب من التعليم و من هو أمي. في غياب منصة معلوماتية لتدبير العملية التي تبقى ضرفية لأن منطق الإحسان يجب أن يترك مكانه لمنطق التنيمة الحقة.
ختاما نقول بأن الجائحة تعطينا الدروس التي علينا استيعابها و نقشها في الذاكرة لنركز على هفواتنا ، لأن الضمانة الحقيقية لمستقبلنا هي المجتمع الحداثي الذي يؤمن بالتقدم، عبر اعتماد  نمودجي تنموي يعتمد أساسا على العلم و المعرفة ، و توجيه مجهودات الدولة نحو قطاعات التربية و الصحة، مع إبلاء البحث العلمي مكانته الحقيقية و سن إصلاح جامعي يقطع مع الفساد المتجلي في شهادات عليا لا تزيد قيمتها عن الورقة التي كتبت عليها، و تشجيع الابتكارات و الاختراعات. و اتخاد الاكتفاء الذاتي مبدأ في كل القطاعات المنتجة ، مع إعادة النظر في كل الاتفاقيات التي تجمعنا بالدول الأخرى ، وفق مبدأ رابح رابح. وزرع قيم المواطنة والكرامة  عبر مناهج تعليمية هادفة.
كما يجب أن يعي الجميع بأننا سنعيش أزمة ، وجب تدبيرها بحكمة بعد رفع الحجر الصحي، هاته الحكمة التي تميز بها أسلافنا عبر التاريخ.
 
 

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة