كيف يدبر المغرب تداعيات أزمة كورونا؟


بقلم عبد الهادي مزراري
أبان المغرب عن مستوى متقدم من اليقظة والحذر في التعامل مع انتشار فيروس كورونا كوفيد 19، وإن كان من السابق لأوانه الحديث عن النتائج النهائية للخطة التي يتعامل بها المغرب مع تداعيات الوباء، ما دامت الحرب لم تضع اوزارها بعد.
لكن بالنظر إلى الخطوات التي اتخدتها الدولة المغربية بقيادة الملك محمد السادس، تأكد للقاصي والداني فاعلية مؤسسات الدولة وجاهزيتها للتدخل في في الوقت المناسب والمسك بزمام الأمور ثم المضي قدما في تدبير شؤون البلاد بشكل استثنائي في ظرف جد استثنائي.
بالنسبة لقطاع الصحة الذي طالما وجهت له انتقادات جوهرية أظهر إمكانيات خاصة في مجال الطوارئ الصحية، وكشف طاقم الاطباء والممرضين والصيادلة عن جاهزيتهم للتعبئة الشاملة بأبسط الإمكانات المتوفرة، ولحدود الساعة تتواصل السيطرة الوضع.
لم يكن بإمكان قطاع الصحة المغربي في ظل ظروفه المعروفة أن يتعبأ بهذا الشكل، وفي هذه الازمة الصحية التي أسقطت جدران مستشفيات كبريات الدول في العالم، لو لا عملية الإسناد التي يتلقاها من خطوط الدفاع الاولى التي تتشكل من قوات الأمن على اختلاف أنواعها، لأن كسب الحرب ضد الفيروس ليس في المستشفيات وإنما في الشوارع وفي البيوت حيث تقضي القاعدة الحربية الأولى فرض حجز صحي على الشعب كله.
من باب الإنصاف القول بأن الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، كان من القادة الأوائل في العالم الذي وضع الطب العسكري الى جانب الطب المدني في هذه الحرب.
من جهة أخرى، كان قرار الملك صارما بوضع مختلف القوات الامنية من الشرطة والدرك الملكي والقوات المساعدة والقوات العمومية وأعوان السلطة والوقاية المدنية في حالة استنفار عام وتطبيق الحجز الصحي بسن قانون عقوبات استوفى كل شروطه الديموقراطية، باقتراحه من ااحكومة ومصادقة مجلس النواب عليه.
ولم تتوقف استرتيجية المغرب في مواجهة تداعيات جائحة كورونا على التعبئة في المجال الصحي والاستنفار الامني وإنما اشتملت منذ البداية على خطة اقتصادية بديلة جراء عمليات الإغلاق التي طالت الحدود البرية والبحرية والجوية وامتدت لمؤسسات اقتصادية وادارية واجتماعية وجعلت المغرب على غرار دول العالم في حالة توقف تام.
إن تدبير الوضع الداخلي، في مثل هذا الظرف مسألة تخضع قدرة الدولة للامتحان الحقيقي، والشهادة للتاريخ أن المغرب بمؤسساته الأمنية التابعة لوزارة الداخلية وبمؤسساته الاقتصادية استطاع ان يحقق ما عجزت عنه دول كثيرة، وهو في طريق إرساء ما يعرف باقتصاد الازمة، أي توفير الامن الغذائي والسلم الاجتماعي.
إن أكبر خطر يتهدد الدول في مثل هذه الازمات هو اندلاع الفوضى وخروج الأمور عن السيطرة. ومن حكمة المغرب بقيادة ملكه محمد السادس إنشاءه صندوقا للتضامن لمواجهة تداعيات كورونا، بقيمة 10 ملايير درهم ، وافتتحه الملك بمنحة شخصية ثم تبعته من بعده فعاليات اقتصادية ومؤسسات وشركات وتجاوزت دخيرته المالية 23 مليار درهم في ظرف زمني قياسي.
هذا الصندوق إلى جانب حزمة من الإجراءات المالية تراعي مصالح المواطنين في حالات التوقف عن العمل، وتسديد القروض، والحصول على المواد الغذائية الضرورية والتطبيب وكل ما يضمن السير العادي للأمور في ظرف غير عادي.
إلى حدود كتابة هذه السطور، تم تسجيل 463 حالة مؤكدة، وتعافي 13 مصابا، ووفاة 26 شخصا، مع بداية إعلان المغرب على السماح باستعمال دواء الكلوروكين في معالجة المصابين، وهو دواء مصنع محلي، وأيضا مع استمرار فرض الحجز الصحي إلى غاية 20 أبريل 2020.
ثمة عمل جبار يقوم به المغرب بفضل أجهزة الدولة على مستوى كافة الحبهات الصحية والامنية والاقتصادية، وكل ما هو مطلوب من أفراد الشعب هو في دعم مجهودها بالبقاء في البيوت في أغرب وباء يجتاح العالم يضرب شرقا وغربا في القمة والقاعدة ولا يستثني أحدا.

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة