حيثيات رفض الدعوى التي تقدم بها فريق العدالة لجهة كلميم.

“من حيث الشكل، رفضت المحكمة عدم قبول الدعوى”، هو منطوق الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية ابتدائيا بأكادير، ويتعلق الأمر بمقال قدم للمحكمة من قبل المستشارين الجهويين السعدية بيناني والباتول أبلاضي ومحمد ابركى وبوجمعة بحار وعمر بومريس، وهم أعضاء المجلس الجهوي لجهة كليميم واد نون، وينتمون لحزب العدالة والتنمية، الحكم كان متوقعا، مادام أن للجهة ممثلها القانوني إضافة إلى أن الطعن قدم خارج الأجل القانوني.
بتاريخ 16 ماي 2018، صدر قرار موقع من قبل وزير الداخلية بشأن توقيف مجلس جهة كلميم واد نون لمدة ستة اشهر، وذلك بعد ان وصل “البلوكاج” حده الأقصى بين رئيس الجهة عبد الرحيم بوعيدا (التجمع الوطني للأحرار)، وغريمه عبد الوهاب بلفقيه (الاتحاد الاشتراكي)، وهو ما انعكس سلبا على السير العام لشؤون جهة تعد بوابة الصحراء، وتوقف عدد من المشاريع التنموية الكبرى، التوقيف تم في البداية لستة أشهر، وهو ما تم تجديده للفترة نفسها في نونبر 2018، ولسد هذا الفراغ القانوني تم تعيين لجنة خاصة لتصريف الأمور الجارية لمجلس الجهة تحت رئاسة والي الجهة.
الصدمة
لم يكن أحد من المستشارين بما فيهم الرئيس عبد الرحيم بوعيدا، يتوقع أن يتم لجوء وزارة الداخلية لهذا القرار بالتوقيف، وكان الاحتمال الوارد هو الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة على صعيد الجهة، لكن يبدو أن التكلفة المالية والسياسية لهذه الانتخابات جعلت العقل المدبر في وزارة الداخلية يلجئ للتوقيف الغامض أفقه.
صدمة المستشارين الجهويين من هذا القرار انعكس على مواقف الأمناء العامين للأحزاب المشاركة في المجلس، وفضل كل حزب تدبير الملف بطريقته الخاصة ورهاناته كذلك، ورغم اللقاءات التي عقدتها مجموعة بوعيدا، فإنها كانت تصطدم بمواقف مركزياتهم الحزبية، وهو ما انعكس ،أيضا، حتى على التدبير القانوني للتوقيف مما جاء معه مختلا في بنائه القانوني المتعلق بالطعن الذي تقدم به حزب العدالة والتنمية، إذ بتاريخ 20 يوليوز 2018، بادرت مجموعة العثماني إلى تبليغ وزير الداخلية بتظلم رفض الأخير التوصل به، لينتقل المعنيون بالأمر إلى سلوك مسطرة التبليغ عن طريق السلم الإداري حيث وضعوا بمكتب الضبط بولاية كلميم نفس التظلم بنفس التاريخ.
مقال الطعن ارتكز في دعواه على أن:
– وزارة الداخلية خالفت ظاهر النص القانوني الوارد في المادة 77 من القانون التنظيمي 111/14، المتعلق بالجهات بعد لجوئها إلى توقيف المجلس، وبأنه كان الأولى هو الاحتكام إلى المادة 76 والتي تنص على إحالة كل القضايا الخلافية داخل مجالس الجهات إلى المحكمة الإدارية، كما ان قرار التوقيف يخالف التوجه العام في الحد من تدخل سلطات الوصاية في عمل المجالس الجهوية..
– اتسام قرار التوقيف بعيب عدم الاختصاص لوزارة الداخلية في تعاملها مع المجالس الجهوية، والنص القانوني لم يحدد الجهة الموكول لها بالتوقيف ولا مسطرته، مادام أن القرار موكول للقضاء، وهو ما يجعل من قرار وزير الداخلية مشوب بعيب الانحراف في استعمال السلطة بعد أن باشر مسطرة أخرى خارج القانون..
الــهــدم
من جهته، أوضح ممثل الوكالة القضائية للمملكة ان ما بني في مقال الطعن المقدم من المستشارين الجهويين، يفتقد للوجاهة والجدية، وبني على اعتقادات خاطئة، وذلك من خلال مذكرته الجوابية التي ارتكزت على النقط التالية:
– لا وجود لسند مشترك بين طالبي الإلغاء مادام ان كل واحد منهم تربطه علاقة منفردة إزاء القرار المطلوب إلغاؤه والحقوق المطلوب حمايتها، مما يكون معه المقال الافتتاحي للدعوى جاء خرقا لمقتضيات الفصل 14 من قانون المسطرة المدنية، إذ لكل متضرر من القرار الحق في أن يطعن فيه بشكل شخصي وفردي.
– الطعن مقدم من غير ذي صفة، ذلك انه طالما أن القرار يخاطب مجلس الجهة فإن الدعوى كان يتعين أن ترفع من طرف مجلس الجهة في شخص ممثله القانوني.
– تقديم الطعن خارج الأجل القانوني، مادام أن ولاية جهة كلميم لم يسبق لها على الإطلاق أن توصلت بأي تظلم من المعنيين بالأمر، وهذا واضح من خلال مرجع الواردات، ولا يوجد ما يفيد ختم الجهة على وثيقة التظلم، حتى يمكن القول بأن الإدارة قد توصلت بها، هذا دون الحديث عن كون التظلم موقع عن الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بكلميم وهو جهة أجنبية عن القرار المطعون فيه.
– والي جهة كلميم غير معني أصلا بالتظلم لأن المادة 23 تتحدث عن تظلم استعطافي يوجه إلى مصدر القرار وتظلم رئاسي يوجه لرئيس مصدر القرار، والحال أن والي الجهة المذكور ليس مصدرا للقرار ولا هو رئيس لمن أصدره.
– قرار وزارة الداخلية بني على أساس قانوني سليم، بارتكازه على أحكام القانون التنظيمي للجهات وقبل ذلك أحكام الدستور، فالقرار اتخذ بناء على الوضعية غير الطبيعية التي أصبح يعيش على إيقاعها مجلس جهة كلميم، والتي كانت موضوع تقرير لوالي الجهة، وفقا للدور الدستوري الموكول لولاة الجهات في شأن تأمين تطبيق القانون لسير مجالس الجهات. وبأن التوقيف من الممكنات المخولة قانونا لمعالجة الاختلالات التي تعرفها الجهات، مع استحضار أن المادة 76 تؤسس لتدبير آخر هو تدبير الحل، وهو ليس موضوعا لقرار وزير الداخلية، وعليه فإن قرار التوقيف منعقد لهذا الأخير باعتباره الجهة الإدارية المخاطبة في أكثر من مجال.
– الدفع بعيب الانحراف في استعمال السلطة يتعين إثباته من قبل المدعين بشكل كافي ومقنع، والحال أن مقال الطعن خالي مما يفيد وجود مصالح شخصية وأغراض خاصة وراء إصدار قرار التوقيف.
وبعد عدد من الجلسات وتقديم المذكرات قررت المحكمة الإدارية بأكادير وهي متكونة من الأساتذة: عبد المعطي القدوري (رئيسا مقررا) ومحمد لبردي، وعبد الرزاق شعيبة (عضوين)، بحضور فدوى سمير (مفوضا ملكيا) وبمساعدة عبد العالي نشيط (كاتبا للضبط) عدم قبول الدعوى من حيث الشكل. عن أنفاس بريس

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة