محمد ولد عبد العزيز رئيس موريتانيا يفتتح حملة الحزب الحاكم بالتأكيد على إستمرارية النظام.

إنطلقت الحملة الانتخابية  ليلة الخميس/الجمعة في موريتانيا،هذه الحملة التي أعطى إنطلاقتها محمد ولد عبد العزيز، بالنسبة للحزب الحاكم (حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ) بساحة المطار القديم، حيث بعث رسالة مباشرة للمعارضة مفادها أن المعركة ستكون معه شخصياً، مما يؤكد أن الحملة قد بدأت على وقع ساخن غير مسبوق في الحملات التي تعود عليها الموريتانيون، حيث بدأت « الحرب الكلامية » بين الرئيس محمد ولد عبد العزيز وقادة المعارضة الديمقراطية.

و كان ولد عبد العزيز صريحاً في خطابه حين وصف الحملة الانتخابية بأنها « حملة استمرار النهج الذي بدأ قبل عشر سنوات »، ولكنه استدرك فيما بعد ليقول إن استمرار النهج « غير مرتبط بشخص معين »، مشيراً إلى أن الهدف من هذه الحملة هو « الحفاظ على ما حصلنا عليه » خلال السنوات العشر الأخيرة.و قد أشار بأن هذا التسيير هة التسيير المعقلن وحسن ادارة شؤون البلاد، مشيراً إلى أنه نجح في تغيير موريتانيا خلال هذه الفترة التي حكم فيها البلاد، مخاطبا الجماهير التي حجت إلى منصة الخطابة بأن عليها مسؤولية مواصلة المستوى الذي وصلت إليه البلاد بالتصويت للوائح الحزب .

وكان ولد عبد العزيز  متحمساً ،حيث حاول تقديم رؤية تقدمية منهاضة للقبلية والمحسوبية، ودعا الموريتانيين إلى « تغليب البرامج الانتخابية » .

كما حشد حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية « تواصل »، الذي يعد الحزب المعارض الأكثر تمثيلاً في البرلمان الحالي، و الذي لم يقاطع الإنتخبات السابقة، فقد دخل هذه الانتخابات للمحفاظ على هذه الصفة،حيث حشد أنصاره في قلب العاصمة الموريتانية نواكشوط وركز قادته في خطاباتهم على التحذير من التزوير، مع قليل من دروس الأخلاق السياسية والتعامل مع الخصوم.

تعد الانتخابات التي  تجري في موريتانيا في الأول من شهر شتنبر هي الأولى من نوعها في تاريخ الشقيقة موريتانيا منذ إستقلالها، بإعتبارها تضم عدة لوائح انتخابية تتنافس على مقاعد الدوائر البرلمانية، والجهوية، والبلدية في عموم البلاد، وقد بلغ عدد اللوائح المرشحة في اللائحة الوطنية المختلطة 97، وفي اللائحة الوطنية للنساء 87، بينما بلغ عدد اللوائح المتنافسة على المجالس الجهوية وصل إلى  159 لائحة.

و في ظل هذه الإستحقاقات التي ستشهدها موريتانيا،يرى الكثيرون من المهتمين بالشأن الموريتاني أن هذه الانتخابات تنطوي على عدة مميزات، كما تطرح تحديات كبيرة ستتسم بالدخول من خلال هذه الاستحقاقات في وضع جديد يهم تسيير الشان الوطني و المحلي ثم الجهوي لموريتانيا و التي لم تشهده خلال الأنظمة السابقة، و هذا ما يسعى إليه النظام الحالي و بخصوص هذا المشهد السياسي .

كما أن الكثير من المحللين يرون في هذا المشهد السياسي الحالي هو نتاج للتغييرات العميقة التي تم إدخالها على المنظومة الديموقراطية الأخيرة بعد الإطاحة بـ معاوية ولد سيد أحمد الطايع وهي تغييرات من شأنها أن تُحدث آثارًا عميقة، تجعل موريتانيا تعبر جسر ديمقراطي،ينتهي  بتحولات اجتماعية واقتصادية ثم سياسية تخدم الشأن الموريتاني خارجيا و داخليا،و من هذا المنطلق يؤكد المهتمون بالشأن الموريتاني أن من بين هذه التحولات هي المصادقة على دستور جديد يضم مؤسسة تشريعية واحدة مكونة من 157 نائبًا، تمتلك صلاحيات غير مسبوقة في تاريخ المؤسسات السياسية،بعد ما تم إلغاء مجلس الشيوخ الذي أثار لغطا كبيرا على مستوى الكثيرين و خصوصا (المعارضة) التي كانت تنقسم إلى ثلاثة أشكال من المعارضة معارضة موجودة بالغرفتين وأخرى خارجهما بمعنى أنها قطاعت الإستحقاقات السابقة إلا أن التيار الإسلامي حزب (صواب) كان اكبر المستفيدين من مقاطعتهم حيث شارك و حصد مقاعد  .

و في هذا السياق أي إلغاء مجلس الشيوخ تم إقرار قانون إنشاء مجالس جهوية تكون منتخبة ، وإن كان هذا النظام لم يكن معروفًا بموريتانيا لكون هذه المجالس  تعتبر فكرة جديدة على الساحة الموريتانية ، و التي ستعزز اللامركزية وتشجع التنمية المحلية و تنفي وجودية مجلس الشيوخ الذي كان يرى بعض المحللين على أن دوره لم يكن ذي جدوى على التنمية (الإقتصادية و الإجتماعية) بل كان عبئا ماليا كذلك على ميزانية الدولة .
كما ستشهد هذه الإستحقاقات أكبر مشاركة سياسية، بعد إعلان الكثير من الهيئات السياسية مشاركتها في هذه الإنتخابات التي سبق و أن قاطعتها (أحزاب معارضة) بنسب متفاوتة خلال ثلاثة استحقاقات متتالية، و من بين هذه الأحزاب المشاركة اعلنت مشاركتها: المنتدى الوطني للديمقراطية وحزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يقوده الزعيم السابق للمعارضة.
كما ان القانون الجديد المنظم للانتخابات بموريتانيا،قد كرس العمل على اتساع دائرة الاقتراع على أساس قاعدة النسبية، حيث ستسمح القوانين التنظيمية الجديدة بالتنافس على أساس قواعد الاقتراع النسبي على 28 مقعدًا في 9 دوائر انتخابية، و58 مقعدًا في 3 دوائر انتخابية أخرى.
كما أشار المحللون بأن هذه الاستحقاقات تأتي قبل إنتهاء آخر مامورية دستورية للرئيس الموريتاني الحالي، محمد ولد عبد العزيز، وهو ما سيترك أثره على طبيعة التنافس بين الأحزاب السياسية.
كما لم يخفي هؤلاء أن موريتانيا قد مرت بتطورات جد مهم في عهد الرئيس الحالي قد أرخت بظلالها على المشهد بموريتانيا ،هذه الأحداث التي يتداخل فيها السياسي والاقتصادي والأمني،مؤكدين أن علاقات موريتانيا بدول الجوار قد عرفت الكثير من التقلبات خلال السنوات الماضية، كدليل على استقلالية البلاد، إلا أن بعض المعارضين للنظام قد رأوا في الوضع بأنه نهج  دبلوماسي غير مرن.

ورغم هذه كله يشير المحللون إلى أن هذه السياسة قد خلفت إهتمامًا إقليميًّا بالشأن الموريتاني يحمل على افتراض أن عددًا من بلدان الجوار تعتبر نفسها معنية ،و من بين هذه العوامل التي جعلت هذا البلد يحضى أكثر بإهتمام من طرف دول الجوار  هيو الوضع الأمني بمنطقة الساحل التي أصبحت واحدة من أخطر بؤر التوتر نتيجة تواجد جماعات التطرف بها ، مما يجعل موريتانيا الدولة المحورية في مجمل المقاربات الإقليمية والدولية المعتمدة،ناهيك عن المؤشرات المتعلقة باكتشاف الغاز في حقل السلحفاة المشترك بين موريتانيا والسنغال، وبطبيعة الحال الوضع في الصحراء.
ويرصد بعض المهتمين بالشان الموريتاني كذلك الوضع الإقتصادي و الإجتماعي،الذي شهدته البلاد حيث تم إحداث الكثير من المنشآت الإقتصادية بالبلاد وشق العديد من الطرق، و تزويد العديد من المناطق بالماء مع تجميع عشرات القرى و تمتيعها بالماء و الكهرباء و الصحة ثم التعليم كما تم تحصين الهوية (الجنسية) الموريتانية ناهيك عن حيرة الإعلام التي تميزت بها الشقيقة موريتانيا، كل هذا جعل نظام ولد عبد العزيز يكون محطة إهتمام جل الموريتانيين رغم المعارضة .
من سيخلف الرئيس الحالي المغادر بقوة الدستور؟

حسب المتتبعين للشان الموريتاني يرون بأن اختبارات سبتمبر 2018 (الانتخابات) ستحدد من سيختلف محمد ولد عبد العزيز الذي كرر كم من مرة أنه لم لن يخرق الدستور و أنه ملتزم به رغم تشكيك المعارضة التي كان بعضا مها خارج التسيير بسب مقاطعتها للإنتخابات .
فبالرغم من عودة المعارضة المقاطعة للمشهد الإنتخابي لكونها ستخوض اختبارًا سيحدد مدى قدرتها على كسب الجماهير من أجل التصويت لها و هذا الأمر حسب المهتمين سيكون جد صعب،أمام تماسك الأغلبية الحالية الحزب الحاكم (الاتحاد من أجل الجمهورية) الذي يعد أبرز اختبار ستشهده المعارضة خلال الفترة المقبلة.
كما إن الانتخابات التشريعية والجهوية المقبلة ستشكِّل محطة أساسية لكل الأطياف السياسية التي ستنطلق منها نحو الانتخابات الرئاسية.

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة