اعتقال ضابط فرنسي بتهمة تسريب معلومات «سرية جدا» عن «متطرفين إسلاميين» لأجهزة المخابرات المغربية

أعلنت السلطات الفرنسية أنها ألقت القبض قبل أسبوعين على ضابط شرطة فرنسي، بتهمة تسريب معلومات «سرية جدا» إلى السلطات المغربية. ووجه القضاء تهمة الفساد وتلقي رشوة لضابط الشرطة، لكن التحقيقات لا تزال شحيحة، نظرا لـ»حساسية الموضوع»، ولأنه مرتبط بدولة أجنبية تربطها علاقات قوية مع فرنسا. وذكرت جريدة «ليبراسيون» أن الضابط لا يزال رهن التحقيق، منذ أسبوعين، لاتهامه ببيع معلومات سرية، تخص تزويد جهاز المخابرات المغربي بأسماء المطلوبين في قضايا الإرهاب، وأسماء الأشخاص الذين تم وضعهم ضمن «خانة خطر» المعروفة باسم «ملف س» وأسماء الممنوعين من السفر.
وأوردت الصحيفة أن المفتشية العامة للشرطة الفرنسية قامت بأمر من قاضية التحقيق في المحكمة العليا، التي وافقت على تتبع مكالمات عميد الشرطة بعملية «مداهمة كبيرة» في مطار أورلي في 29 أيار/ مايو الماضي، وقامت باعتقال عدة رجال أمن. وأثناء التحقيقات تبين أن شخصين فقط كانا ضالعين في تسريب المعلومات، وهما عميد الشرطة، ومسؤول شركة أمنية خاصة في المطار.
وأفادت الجريدة بناء على معلومات لمسؤولين أمنيين رفضوا الكشف عن هويتهم، أن عمل المتهم في الشرطة الجوية الحدودية في مطار أورلي الدولي، كان يقضي بتحرير تقارير أمنية سرية عن كل الأشخاص «الخطرين» الذين دخلوا أو غادروا فرنسا عبر المطار، ويحملون «خانة س» الخاصة بالمتطرفين الإسلاميين. واستغل الضابط هذه التقارير وقام بتحويلها لشخص آخر في المطار، أوكلت له مهمة تسليمها لأجهزة المخابرات المغربية.
وكشفت التحقيقات أن المتهم تلقى مقابل تسريب المعلومات السرية أموالا، إضافة إلى استفادته من إجازات مدفوعة الثمن في المغرب من طرف أجهزة الأمن المغربية. كما أوضحت الجريدة أنه تم الكشف عن أسماء عدد من المسؤولين في أجهزة المخابرات المغربية، الذين كان يتعامل معهم الضابط الفرنسي.
وتتهم النيابة العامة الفرنسية الضابط الذي اقترب من سن التقاعد، بالقيام طيلة السنوات الثلاثة الأخيرة بتسريب معلومات «سرية جدا» إلى السلطات المغربية، ووصفتها بأنها «عملية غير مسبوقة» من حيث حجم التسريبات وخطورتها على الأمن القومي لفرنسا.
وأوضحت جريدة «ليبراسيون» أن القضية جد حساسة، ترقى إلى «تجسس أجهزة أجنبية على فرنسا»، وأن المفتشية العامة للشرطة الفرنسية، لا ترغب بالزج بها في هذا الملف خشية فقدان حليف قوي يتمثل في أجهزة المخابرات المغربية التي تنسق مع نظيرتها الفرنسية في مجال محاربة الإرهاب والتنظيمات المتشددة.
يذكر أن أجهزة المخابرات المغربية كانت دلت أجهزة الأمن الفرنسية على مكان وجود عبد الحميد أباعود منفذ هجوم باريس في عام 2015. وتلقت الرباط تهنئة وشكرا رسميين من الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند على هذا المعروف.
يذكر أن العلاقات بين الرباط وباريس كانت قد شهدت قطيعة غير مسبوقة في عام 2014 بسبب ملف أمني، حينما أقدم القضاء الفرنسي على توجيه استدعاء لعبد اللطيف حموشي المدير العام لجهاز الاستخبارات المغربي، بعد اتهامه من طرف منظمات حقوقية فرنسية بممارسة التعذيب في المغرب.
وفي سياق قريب، تقدمت النائبة في البرلمان الأوروبي عن حزب اليسار الموحد الإسباني، مارينا ألبيول بسؤال الى المفوضية الأوروبية منذ أيام تطالب بتوضيحات حول الأخبار التي تفيد بتقديم وكالة المخابرات الوطنية الإسبانية «سي إني إي» معطيات إلى المخابرات المغربية حول نشطاء مغاربة يتضامنون ويؤيدون الحراك الشعبي في الريف.
وتضمن السؤال حرفيا ما يلي «تضاعفت التجمعات والتظاهرات في كل الاتحاد الأوروبي لدعم الحراك في الريف، وما يقلقنا هو قيام أجهزة مخابرات أوروبية مثل وكالة المخابرات الوطنية الإسبانية بالتعاون مع المخابرات المغربية لتحديد هوية المتظاهرين». وتؤكد أن تسريب معطيات حول هوية المتظاهرين قد يكون ضد القوانين الأوروبية المعمول بها كما أنه قد يعرض حياة المتظاهرين للخطر في المغرب.
وكانت وسائل إعلام إسبانية قد أشارت إلى طلب تقدمت به المخابرات المغربية إلى نظيرتها الإسبانية حول نشطاء مغاربة يدعمون «حراك الريف»، وحول مؤسسات إسبانية سياسية وغير حكومية تؤيد مطالب الريف، ويعتقد بتقديم الطلب نفسه إلى هيئات مخابراتية أوروبية كذلك. باريس ـ مدريد ـ «القدس العربي» من هشام حصحاص وحسين مجدوبي

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة