المديح النبوي في التراث الحساني

يعد مدح الرسول (ص)، من بين الأجناس الأدبية الاحتفالية على مستوى التراث الحساني، كما يحتل هذا اللون مكانا مميزا بين الممارسات الثقافية في “بلاد البيظان”، بالنظر إلى مستوى الأداء والجمهور الذي يننبعه، أو يتعاطاه تلقيا وإنتاجا.           والسبب وراء هذا الاهتمام من طرف عامة الناس (البيظان) بهذا الموروث هو اتخاذ من «مدح الرسول» (ص) لونا فنيا، بالإضافة إلى هذا يبقى ارتباط هذا المجتمع بالمذهب الأشعري، الذي ساد في المنطقة، متخذا المكانة العالية له      في مجتمع يتأثر ببعض الأمداح خوفا من الشرك، وهذا أمر طبيعي عند هذا المجتمع الذي يستمد روحه من الإسلام. كما يتخذ هذا النوع من التراث الشعبي (المدح) أشكالا متنوعة، سواء ما كان منه إنتاجا يتجسد في المدونة
الشعرية الفصيحة المعروفة، أو ما كان منه استهلاكا لنصوص بعينها تنشد في مناسبات وأوقات محددة، أو على سبيل التعبد أو التبرك أو التعوذ والرقية أحيانا.
وفي هذا السياق نجد أن المدح الشعبي كان ولايزال فنا تعبديا بامتياز،سواء في تناوله الملحمي الصادق لمشاهد الرسول (ص)، وفي حب أهل بيته وأصحابه أو في استحضاره للموت والقيامة وتعويله صراحة على شفاعة الرسول.كما يترتب عن هذا (المدح) التعبدي نتائج فنية على سبيل المثال، يعتقد أن أي عضو من أعضاء الجسم تم تحريكه في الرقص على مدح الرسول (ص) كان ذلك عتقا له من النار. كان المدح (…) يشتركان في الأصل العربي للتسمية       خلافا للموسيقى العالمة (أزوان ذات التسمية البربرية) فإنهما يتفقان معها            في علاقة الرقص بالطبل من جهة، وفي طبيعة مشاركة الجمهور في الحفل بارتجال الأشعار            .
ومع ذلك فإن هذا اللون من الموروث الشعبي (المدح) لم ينل حظه من اهتمام الباحثين. لا من حيث أصوله، ولا من حيث خصائصه الشعرية والنغمية، ولا من زاوية تلقيه. وهذه القضايا الثلاث يمكن أن تكون موضوعا لمقاربات تتأسس منهجيا على مفاهيم التطور أو البنية أو التلقي. ويبقى هذا اللون من التراث الشعبي بين الألوان التي تعرف بهذه المنطقة،         لكن رواد هذا الفن يعدون على رؤوس الأصابع.

محمد سالم الشافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي من القرصنة